الأحد، 29 مايو 2016

إلى البحر ـ الشاعر : يحيى الحمادي

إلى البحر

الشاعر : يحيى الحمادي
إِلـى الـبَحرِ مِـن صَدري حَمَلتُ الحَرَائِقَا
وأَمـسَـيـتُ بَــيـنَ الـمـاءِ والـنَّـارِ عـالِـقَا
.
أُنـــادِي.. ولا أَدرِي لِـمَـن كــانَ سـابـقًا
نِــدَائِـي, ولا أَدرِي لِـمَـن صــارَ لاحِـقَـا!
.
فَــلا الـمـاءُ فـي يُـمنَايَ نـارٌ تَـلِيقُ بـي
ولا الـنَّارُ فـي الـيُسرَى تَـرَى الماءَ لائِقَا
.
أَنـــا بــيـن أَشـواقِـي وبَـيـني مُـحـاصَرٌ
كَــأَنّـي إِلــى لُـقـيَايَ أَصـبَـحتُ عـائِـقَا
.
رَحِيلِي على سَطرٍ مِنَ الوَهمِ, والمَدَى
شِـــرَاعٌ عــلـى صَــدرِي يَــؤُمُّ الـزَّوَارِقَـا
.
رَسَتْ يا دُرُوبَ المِلحِ في البَابِ مَوجَتِي
رَمَــادًا.. كَـسَـيلِ الـرِّيـحِ مــا زَالَ دافِـقَـا
.
ومــا زَالَ خَــوفُ الـبَحرِ يَـجتَاحُ صَـحوَتِي
ونَـومِـي, كَـمَـا يَـجـتَاحُ شَــوقٌ مُـفَـارِقَا
.
ولِــي بَـيـنَ إِقـدَامِي وخَـوفِي سَـحائِبٌ
مِـــن الـصَّـمتِ لا يُـمـطِرنَ إِلَّا صَـوَاعِـقَا
.
عـلى صَـدرِ مَن أَبكِي حَنِينِي وأَشتَكِي
ضَـيَاعِي, وقَد صَارَت دُمُوعِي مَشَانِقَا؟!
.
أَرَى الـبَـابَ مَـفـتُوحَ الـذِّرَاعَـينِ ضَـاحِـكًا
وهَــــل يَــضـحَـكُ الــغَـدَّارُ إِلَّا مُـنـافِـقَا!
.
لَـقَـد مَــرَّ نِـصـفُ الـعُـمرِ شَـوقًـا ولَـوعَةً
وخَـوفًـا عـلـى مــا ظَــلَّ كَـهْلًا مُـرَاهِقَا
.
أَلَـمْ يَـدرِ مَـن فِـي الـقَلبِ والـعَينِ أَنّني
إِلــى وَصـلِـهِ مــا زِلــتُ بـالـوَهمِ وَاثِـقَا!
.
وأَنّــي بَــذَرتُ الـمـاءَ فــي كُــلِّ غَـيمَةٍ
وأَروَيــتُ مِــن نَـهـدِ الـسَّـرَابِ الـحَدَائِقَا!
.
أُدَارِي هَــوَى قـلـبي بِـكِـتمَانِ أَدمُـعِـي
وأُمـسِـي مِـن الـكِتمَانِ بـالدَّمعِ شَـارِقَا
.
ومـــا أَوْجَــعَ الـكِـتمَانَ إِن بــاتَ نـاضِـحًا
عـلـى فَــوْرَةِ الأَشــوَاقِ جَـفـنًا وخـافِقَا
.
يَــمُـوتُ الـــذي يَـهـوَى مِــرَارًا بِـشَـوقِهِ
وإِن عـاشَ "رُغــمَ الـمَوتِ" لِـلمَوتِ تائِقَا
.
ومَــن ذَاقَ طَـعـمَ الـمَوتِ _حَـيًّا_ أَحَـبَّهُ
خَـــلَاصًـــا, ولا يَــلــقَــاهُ إِلَّا مُــعــانِـقَـا

.
.
.
.

دَعِ الـبَابَ مَـفتُوحًا عـلى الـغَيبِ.. إِنَّني
بـــهِ لَـــم أَزَلْ غَـيـبًـا, ومـــا زَالَ طـارِقَـا
.
كَـتَمْتُ الـهَوَى عِـشرينَ عـامًا, وبَـعدَها
تَـلَـعـثَمْتُ مَـخـنُـوقًا بـصَـوتِـي وخَـانِـقَـا
.
ولَـو أَنَّ مـا فِـي الـقَلبِ مِـن لَـوعَةٍ يُرَى
لَـمَا عِـشتُ بَـينَ النَّاسِ بالصَّمتِ ناطِقَا
.
تَـمَـنَّـيتُ لَـــو كــانَـت حَـيَـاتِـي طَـوِيـلَةً
كَـشَوقِي.. ولَـو كـانَ اشـتِيَاقِي دَقَـائِقَا
.
تَـمَـنَّيتُ لَــو أَنّــي تَـأَخَّـرتُ عَــن غَـدِي
ثَـلاثِـيـنَ عــامًـا لا تَـــرَى الـعُـمرَ مـارِقَـا
.
تَـمَـنَّـيتُ لَـــو أَنِّـــي تَـمَـنَّـيتُ قَـبـلَ أَن
أَرَى الآلَ فـــي كَــفَّـيَّ كـالـمَاءِ صـادِقَـا
.
تَـمَنَّ الـذي لَـم تَـلْقَ مـا دُمـتَ شـاعِرًا
وعِـشْ هـانِئًا بـالشَّوقِ ما دُمتَ عاشِقَا
.
فَـــمَــا مَـــوعِــدٌ لِــلـوَصـلِ إِلَّا وبَــعــدَهُ
خَــيَـالاتُ مَـــن كـانُـوا وكـانـت حَـقَـائِقَا
.
ومـــا شــاعِـرٌ فـــي الأَرضِ إِلَّا وقَـلـبُـهُ
جِــرَاحٌ بــلا طِــبٍّ, وشَــوقٌ بــلا لِـقَـا..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يـــحـــيــى الـــحـــمــادي 28-5-2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق